إن صناعة الذهب في تركيا من الصناعات التقليدية القديمة في تركيا، والاستثمار في الذهب من الاستثمارات التقليدية في تركيا، واليوم سنتناول في هذا المقال كل ما يتعلق بالمجوهرات الذهبية وصناعة الذهب في تركيا بالإضافة إلى استيراد وتصدير الذهب في تركيا.
لمحة تاريخية عن صناعة الذهب في تركيا:
اكتسب فن صياغة الذهب في إسطنبول أهمية كبيرة في عصر الإمبراطورية العثمانية، وفي عصر السلطان سليمان العظيم أصبحت (إسطنبول) واحدة من أبرز مراكز المجوهرات في العالم، وتثبت المصادر التاريخية أن معارض المجوهرات كانت تقام في (إسطنبول) بكثرة، واليوم أخذت صناعة المجوهرات الذهبية التركية، مجالاً يعكس هذا التراث الثقافي الغني، جنباً إلى جنب مع أحدث التقنيات والحرفيات المتميزة والتصاميم الحديثة، التراث الفريد ومستوى الكفاءة في قطاع المجوهرات التركية، يسمح بابتكار وإنتاج أي تصميم، بأية كمية بحرفية فائقة، وتشطيب ممتاز، وإنتاج مرن وتنوع هائل، تركيا أصبحت اليوم واحدة من أهم الموردين المفضلين، لدى المشترين الدوليين للمجوهرات الذهبية عالمياً.
يمكنك أن تقرأ أيضاً: مستقبل ريادة الأعمال في تركيا
التطور الكبير في صناعة الذهب في تركيا:
استطاعت تركيا اليوم أن تصبح من رواد العالم في مجال إنتاج المصوغات الذهبية، ومن بين أفضل ثلاث دول في العالم في هذا الجانب، ويبلغ إجمالي قدرة تركيا الإنتاجية 4 طن من الذهب سنوياً، وهذه الصناعة إحدى الصناعات المهمة بين الصناعات التحويلية التركية لأنها تؤمن فرص عمل وتوظف حالياً حوالي 250000 شخص.
في التسعينات:
في التسعينات لم يكن هناك سوى ورشة أو ورشتين يعمل بهما ما يتراوح من 100 إلى 200 شخص، أما في الوقت الحاضر أصبح هناك العديد من المصانع الضخمة التي توظف ألف عامل أو أكثر، وتم تطوير منطقة آلات خصوصا لهذه الصناعة، وقد تم التوصل إلى مستوى عال من التكنولوجيا في هذا المجال.
وفي منتصف التسعينات بدأت الشركات في تعيين المصممين، أما الآن تعمل معظم أكبر فرق التصميم في العالم في تركيا، وهناك العديد من أقسام التصميم التي أخذت تدرس في الجامعات والمدارس الثانوية المهنية التي يتم فيها تدريب المصممين والموظفين المؤهلين.
حالياً:
في الوقت الحالي يمكن للشركات الكبرى، إنتاج 10 نماذج جديدة في اليوم، بالرغم من التنوع والاختلاف بين هذه النماذج، يمكن ابتكار ما يتراوح من 70 إلى 80 منتجاً جديداً كل يوم في هذه الصناعة، وبالتالي يمتلك هذا القطاع، مستوى كبير من مرونة الإنتاج، وهذه ميزة كبيرة لتوريد طلبات التصميم الخاصة للمستوردين، حالياً هناك حوالي 5000 منتجاً و35000 منفذاً للبيع بالتجزئة في هذه الصناعة، مركز إنتاج المجوهرات الذهبية هو إسطنبول، ومع ذلك فإن الإنتاج في أنقرة وأزمير مكثفٌ بشكل كبير أيضاً، ويتم إنتاج المجوهرات الذهبية في بعض المدن الموجودة في شرق وجنوب شرق الأناضول، وهذا يعني أن تركيا تنتج ما يقارب ال 250 إلى 300 طن من المجوهرات سنوياً، لذلك تعتبر تركيا من بين أكبر ثلاثة منتجين للمجوهرات الذهبية في العالم بعد الهند وإيطاليا.
استيراد الذهب وصناعة الذهب في تركيا:
تستورد تركيا سنويا كمية كبيرة من الذهب، تتراوح بين 100 و200 طن في السنوات الأخيرة، ويمكن فقط للبنك المركزي التركي وأعضاء بورصة الذهب في إسطنبول ممن لديهم شهادة ذات صلة أن يستوردوا الذهب إلى تركيا.
بدأت مصفاة الذهب باسطنبول إنتاجها في (2002)، وتمتلك المصفاة التكنولوجيا المتطورة التي تؤهلها لإنتاج (999.9/1000) ذهب نقي صافي، ولديها القدرة على تحويل الخردة أو القضبان المطلية إلى ما يقارب 1000 سبيكة نقية، إذ تعمل مصفاة الذهب بإسطنبول في مدينة المجوهرات (كويو مجوكنت)، ومركز عرض منتجاتها يقع في البازار الكبير الشهير في إسطنبول، (المشهور باسم البازار المغطى)، الذي ظل زمناً طويلاً يشكل قلب تجارة الذهب والمجوهرات في تركيا، تمتلك مصفاة الذهب في إسطنبول خدمات مبيعات المعادن الثمينة وتكرير ما هو مطلي بالذهب وتوريد سبائك الذهب.
شراء الذهب محلياً:
وتعتمد أسعار المجوهرات بشكل أساسي على سعر السوق العالمي للذهب، وسعر الأحجار الكريمة المصنعة، لأن معظم المجوهرات الذهبية مصنوعة محلياً، والأجور المدفوعة في مصانع الذهب المحلية أقل مما هي عليه في البلدان الأخرى، مما يسمح لك بأن تحصل على مجوهرات عالية الجودة بسعر معقول جداً،ويتم تحديد جودة الذهب من خلال نقاوته ويقدر الذهب في تركيا بالقيراط، والملحوظ أن الطلب المحلي على المجوهرات الذهبية مرتفع، وأن معظم الشعب التركي يشتريه بغرض الزينة وكوسيلة للإدخار، في التسعينات كان الاعتقاد السائد أن ما يتراوح من 4 إلى 5 آلاف طناً من الذهب يتم الاحتفاظ به في المنازل في تركيا، وفي هذا الصدد احتلت تركيا المرتبة الثانية في العالم بعد الهند في الاستثمار الشخصي للذهب.
الصادرات من الذهب في تركيا:
لقد حول قطاع المجوهرات الذهبية في تركيا اهتمامه تجاه التصدير خلال العقود القليلة الماضية، إذ تغيرت عادات الادخار لدى الشعب التركي بسبب التطورات في الاقتصاد التركي، وبدأ استخدام طرق أخرى للاستثمار إلى جانب شراء المجوهرات الذهبية، وبالإضافة إلى ذلك في عام 1993 ألغيت قيود التصدير والاستيراد على المعادن الثمينة.
ويمكننا التوقف عند مجموعة نقاط مهمة حول الصادرات من الذهب في تركيا:
- على الرغم من أن المجوهرات الذهبية هي نسبياً قطاع جديد في المشهد التصديري التركي، إلا أنه أدى أداءّ متميزاً وزادت قيمة الصادرات بشكل ملحوظ في السنوات العشرين الأخيرة، بلغ إجمالي الصادرات 3.7 مليار دولار أمريكي في عام 2015، وكانت الوجهات الرئيسية هي: الإمارات العربية المتحدة، وإيران، والعراق، والولايات المتحدة الأمريكية، وليبيا، وقد تم تصدير المجوهرات الذهبية التركية إلى أكثر من 100 دولة حول العالم في عام 2013، وبدأت شركات المجوهرات الذهبية التركية في إنشاء قنوات التوزيع الخاصة بها في الخارج.
- الشركات الكبرى في هذه الصناعة تمتلك محلات واحتكارات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ودبي والشرق الأوسط وفي دول أخرى في مناطق مختلفة من العالم، كما تتمتع صناعة المجوهرات الذهبية التركية بمبيعات كبيرة للأجانب الذين يزورون تركيا، بشكل جماعي، إذ تشكل الصادرات والمبيعات للسائحين في السوق المحلي 70% من إجمالي ناتج هذه الصناعة، ولقد تم الاعتراف بالمجوهرات التركية في جميع أنحاء العالم نظراً لتميزها وجمالها وابتكارها وجودتها.
- يعد الذهب أحد أهم مدخلات الخزينة التركية الرئيسية، وتقترب قيمته من نصف الاحتياطات الأجنبية لدى البنك المركزي في البلاد، في حين بلغت القدرة الإنتاجية للبلاد نظرياً نحو 400 طن سنوياً، والإنتاجية تشمل المستخرج من الأرض والخام المستورد من الخارج الذي يتم تصنيعه داخلياً.
- أعلن الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) في كانون الثاني الماضي أن بلاده تعتزم رفع إنتاجها من الذهب إلى 100 طن سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة، وقد أعلنت واحدة من الشركات قبل مدة من ذلك أنها تنتج كمية من الذهب تقدر بـ 3.5 ملايين أونصة وبقيمة 6 مليارات دولار.
- خلال عام 2020 بلغت قيمة الذهب الذي استوردته تركيا 26.6 مليار دولار واحتلت به المرتبة العاشرة عالمياً بين المستوردين، في حين بلغ متوسط الطلب السنوي على الذهب داخليا نحو 160 طناً خلال السنوات الخمسة والعشرين الأخيرة، في حين بلغت موجودات البنك المركزي التركي ذروتها عند 606.6 طن في آب من عام 2023.
مراكز صناعة الذهب في تركيا:
مدينة صناعة الجواهر (كويومجوكنت):
في عام 2006 تم افتتاح مركز لإنتاج وتجارة المجوهرات الذهبية المسمى ب (كويومجوكنت) باللغة التركية، وهو عبارة عن مجمع تبلغ مساحته 328.000 متراً مربعا على قطعة أرض مساحتها 186.000 مترا مربعا كويومجوكنت لديها 2500 وحدة إنتاج ومحلات تجارية، وتقع مصفاة الذهب في إسطنبول أيضاً في المجمع.
البازار الكبير:
وهو أقدم مركز لتصنيع المجوهرات في تركيا، وقد تأسس البازار الكبير (Grand Bazar) عام 1476 ويعرف أيضا باسم (غرفة المجوهرات) ولا يزال أهم مركز للمجوهرات في إسطنبول توسع البازار على مر السنين، وفيه أكثر من 4000 متجر في البازار الكبير منتشرة في 61 شارعا، ومن بين هذه المحلات التجارية البالغ عددها 4000 متجر يوجد 54 محل مجوهرات في البازار الكبير، ويقوم خبراء المجوهرات في هذه المحلات بمعالجة الذهب والأحجار الكريمة بعناية، تقدم المتاجر الموجودة في البازار الكبير، واحدة من أفضل فنون تصنيع المجوهرات في جميع أنحاء العالم، ويستمر هذا الفن التقليدي منذ العصور البيزنطية والعثمانية، البازار الكبير هو قلب صناعة الفضة والمجوهرات الذهبية والفضية، وبهذا المعنى يعرف هذا المركز بالعاصمة الفضية للبلاد.
إسطنبول فيزيون للمعارض بارك:
يقع إسطنبول فيزيون بارك بالقرب من منطقة يشيلكوي الحرة، ومعرض سي إن آر ومركز إسطنبول للمعارض، ومن المخطط أن يكون المشروع بمثابة مركز مهم لتصنيع المجوهرات والتجارة، وهو أحد أكبر مراكز تصنيع المجوهرات في إسطنبول وفي جميع أنحاء تركيا، وقد تم الانتهاء من بناء إسطنبول (فيزيون بارك)، ويعمل تجار المجوهرات بنشاط في هذا المشروع إذ يوجد أكثر من 100 متجر مجوهرات داخل إسطنبول فيزيون بارك، ويقع منتزه إسطنبول فيزيون بارك بجوار إسطنبول كويومجوكنت تماماً، ويعمل كلا المجالين على توسيع قطاع المجوهرات في تركيا، ومن هذا المنطلق يعتبر فيزيون بارك أحد مراكز تجارة المجوهرات المهمة في إسطنبول.
كهرمان مرعش:
يمكننا إدراج كهرمان مرعش كواحد من مراكز تصنيع المجوهرات التركية، وينشط قطاع المجوهرات في هذه المدينة منذ القدم، وحالياً تتجمع معظم مراكز إنتاج المجوهرات في وسط المدينة، ومع ذلك، تقوم مدينة كهرمان مرعش باستثمارات لتوسيع قدراتها في مجال المجوهرات، يقع سوق المجوهرات في منطقة دولكاديروغلو في المدينة، علاوة على صائغين مختلفين من مختلف القطاعات، ومن المتوقع أن يكون Altinsehir أحد أكبر مراكز المجوهرات حول العالم، ومعرض إسطنبول للمجوهرات أهم معرض عالمي للمجوهرات يتم تنظيمه في إسطنبول، يجتمع تجار المجوهرات من جميع أنحاء العالم في مركز اكسبو إسطنبول لعرض أفضل منتجاتهم من المجوهرات، هذه فرصة فريدة لكل محترف مجوهرات لمتابعة اتجاهات الموسم..
يمكنك أن تقرأ: نصائح للحصول على عمل في تركيا
مكانة تركيا كمستورد للذهب من حيث الكمية والنوع والترتيب العالمي:
تركيا مستورد كبير للذهب، والطلب الداخلي أو المحلي كبير جداً والزيادة في الإنتاج ما زالت عاجزة عن تلبية الطلب، ويرجع ذلك لعدة أسباب، أهمها:
- استمرار النمو الاقتصادي وأداؤه القوي رغم الجائحة، مقابل التذبذب والتحرك الكبير في سعر العملة المحلية الليرة، الأمر الذي رفع الطلب على الذهب ورفع استيراده كمادة ادخارية.
- تستورد تركيا سنوياً من الذهب ما يتجاوز 20 مليار دولار، وإذا استثنينا منها مشتريات البنك المركزي نجد ن أكثر من 60% من الذهب المستورد يغطي الطلب المحلي.
- من المهم أن ندرك أن تخزين الذهب كمدخرات ليس من المعتقدات في الثقافة التركية كما هي الحال في بعض البلدان كالهند مثلاُ: لكنه في السنوات الأخيرة اتخذ طابعاً مرتبطاً بالشعور الوطني لدى الأتراك.
- فإحجام الناس عن الادخار بالليرة التركية بسبب تذبذب قيمتها وضعهم أمام خيارين: الادخار بالعملة الأجنبية أو الادخار بالذهب وقد اختاروا الخيار الثاني تجنباً لتعزيز الدولار بعد فرض واشنطن وحلفائها عقوبات على تركيا، ولا ننسى أن سياسة البنك المركزي التركي تحفز شراء الذهب، إذ قرر البنك زيادة المخزون وشراء كل الذهب المنتج في تركيا، وهذا ما جعله المشتري الأكبر للذهب عام 2020 بين البنوك المركزية في العالم وزاد مخزونه بمقدار 134.5 طناً من الذهب، أي ما يعادل 7.5 مليار دولار.
الدول الرئيسية التي تستورد منها تركيا الذهب:
ترتيب الدول المستوردة يكون خادعاً قليلاً عند الحديث عن الذهب لأن تجارة الذهب المباشرة ليست ثابتة بل تتغير قيمة المستوردات من هذا المعدن من عام إلى آخر وأحياناً هناك استيراد بهدف التصدير، وأكثر الدول التي تستورد منها تركيا الذهب على التوالي:
- سويسرا التي وفرت 50% من الطلب على الذهب في تركيا لمدة 3 سنوات بحجم 167 طناً سنوياً.
- ثم الإمارات العربية المتحدة التي تورد 111 طنا سنوياً.
- وأستراليا بـ 20 طن وجنوب إفريقيا بـ 13 طن وألمانيا بـ 11 طن.
الأسواق العالمية التي تصدر لها تركيا الذهب:
تركيا في المرتبة 17 بين أكبر الدول المصدرة للذهب، بقيمة (5 مليارات دولار سنوياً)، وأكبر المستوردين من تركيا: الإمارات العربية المتحدة، وبريطانيا، اللتان تحصلان معاً على ما معدله 50% من الصادرات التركية، ثم الولايات المتحدة، وهونغ كونغ، وسويسرا، ومن المهم أن نعرف: أن تركيا تصدر الذهب خارجيا على شكل مجوهرات مصنعة، ولا تبيعه خامات، أو سبائك، أو ودائع إذ ترتفع الطلبات على الذهب التركي في السوق العالمي، بسبب تنوعه، واعتدال أسعاره، وجودته المرتفعة.
مخزون الذهب في تركيا:
من الصعب قياس إجمالي مخزون شركات الذهب بدقة، لكن إحصاءات احتياطي البنك المركزي تعطي فكرة عن المخزون، إذ ارتفعت ىموجودات مخازن البنك من 116 طنا إلى 561 طنا خلال السنوات الأربع الأخيرة فقط، ليحتل المرتبة 28 بين البنوك العالمية، لكنه صعد عام 2021 إلى المرتبة 11 بعد ما حاز المرتبة الأولى بين البنوك المركزية الأكثر شراء للذهب وزاد اعتماده على احتياطات الذهب على حساب الدولار بعد المخاوف من آثار عقوبات قانون ((كاتسا)) الأميركية الأخيرة على تركيا.
حجم أنشطة الشركات العاملة في مجال الذهب في تركيا:
إن سوق إنتاج الذهب في تركيا مفتوح وليس احتكارياً، وإنتاج الشركات فيه متقارب، والنشاط ارئيسي في إنتاج الذهب في تركيا هو للشركات المحلية، التي أنتجت 42 طنا في عام 2020، وأكبر هذه الشركات بالترتيب:
- كوزا (Koza Altin)
- توبرا (Tuprag)
- دمير إكسبورت (Demirexport)
- بومزا (Pomza)
- غوبرتاش (Gubretas).
التطلعات المستقبلية في هذا المجال:
لا تزال صناعة الذهب في تركيا ناشئة وقابلة للتطوير أكثر بكثير، والدراسات في هذا القطاع ما زالت مبتدئة، وأول مستويات التخطيط التركي هو تغطية الطلب المحلي المتزايد، وكلنا نعلم أن وزير الطاقة التركي فاتح سونميز كان قد أعلن أن تركيا اكتشفت 400 طن من أحتياطات الذهب القابلة للإنتاج، إضافة إلى اكتشاف 100 طن من احتياطي الذهب في حقول شركة غوبرتاش، بينها 65 طناً مؤكدة الاستخراج.
خصائص صناعة الذهب في تركيا:
تختلفق صناعة الذهب بطبيعتها عن صناعة الأنواع الأخرى من المواد والفرق الأول يكمن في ارتفاع القيمة الادخارية لمنتج الذهب الخام على حساب عملية التصنيع أو ما يعرف بالمصنعية وهذا بعكس المعادن الأخرى، لكن في حالة الذهب يختلف الوضع، إذ يبلغ سعر سبيكة الذهب المكونة من 10 أونصات نحو 18222 دولار، ولا يمكن أن يتجاوز ثمن إسوارة مصنعة من 10 أونصات من الذهب الخالص 20000 دولار وبالتالي تصل قيمة المصنعية هنا إلى 10%.
نتيجة لكل ذلك فإن تحليل البيانات النوعية التي تقدمها الجهات الخارجية لا تقدم تقييما دقيقاً عن واقع صناعة الذهب في تركيا بعكس التحليل الكميّ الذي يعطي نتائج حقيقية.
وبالعودة إلى موضوع الإنتاج يدهشنا أن صناعة الذهب في تركيا تعتبر حديثة إذ بدأت البلاد إنتاج الذهب المستخرج عام 2002 وبمقدار ثلاثة أطنان، وأخذ الإنتاج يزداد بشكل مضطرد ليصبح بعد 10 سنوات فقط ثلاثين طناً وتابع إنتاج الذهب التطور ولم يتأثر بجائحة كورونا، حتى وصل إنتاج الذهب في تركيا عام 2020 إلى 42 طن بقيمة 2.4 مليار دولار وهذا يجعل تركيا تتربع على المرتبة الواقعة بين 22 و26 عالمياً وهذه نسبة تتصاعد سنوياً.
نصائح للمهتمين بالاستثمار في مجال الذهب في تركيا:
القوى العاملة الرخيصة والطلب اللامتناهي والاحتياطات الجديدة تجعل البلاد جنة لإنتاج الذهب هذه الأيام، ونعتقد أن هذا الوضع سيستمر 10 سنوات على الأقل، لذلك ينصح المختصون المستثمرينبالتركيز على إنتاج المواد الخام أكثر من إنتاج المجوهرات، أما ما يتعلق بالسوق فيوجد في إسطنبول وحدها حرفيون كبار وشركات عريقة في مجال المجوهرات وليس من السهل التنافس معهم من خلال نطاق رأس المال الذي لا يعطي أي ميزة للمستثمرين الأجانب عندما يتعلق الأمر بمنافسة المجوهرات.
أما في مجال إنتاج المواد الخام، فالعكس هو الصحيح، إذ أن قطاع صناعة الذهب في تركيا قابل للتطوير وحجم رأس المال ويمنح مزايا كبيرة في المنافسة، ومن الواضح أن تركيا ما زالت ضعيفة في مجال البنية التحتية الرأسمالية ونظام بيئة خامات الذهب، ويمكن للمستثمرين الأجانب الاستفادة من هذه الميزة من خلال الشراء المباشر في التراخيص، ويمكنهم توسيع الشركات المحلية كمستثمرين أقلية أو استهداف سيطرة رئيسية في مجالس إدارتها وأسهمها.
الاستثمار في الذهب في تركيا:
يعتبر الذهب من الأصول الثمينة التي تحظى بشعبية كبيرة كوسيلة للاستثمار في تركيا، وتكتسب أنواع الذهب في تركيا سمعة ممتازة في الأسواق العالمية، وذلك لأنه يحمل مواصفات لا تتواجد في غيره من أنواع الذهب، نذكرها فيما يلي:
- يتميز الذهب التركي بأنه مصنوع من العيار 22.
- يتميز بالموديلات المتجددة دائماً، والتي تكون مميزة دائماً.
- يتصف بثبات قيمته المعتدلة وسعره المشجع للعميل، لذلك يعتبر ملاذا آمنا خلال الأوقات الاقتصادية.
- حماية ضد التضخم: إذ يعتبر الذهب وسيلة فعالة للحماية ضد تأثيرات التضخم الناتجة عن زيادة الكميات النقدية.
- سهولة التداول: بالإمكان تداول الذهب بسهولة في الأسواق المالية العالمية مما يجعله خيارا شائعاً بين المستثمرين.
- بالنظر إلى هذه العوالمل يمكن للاستثمار بالذهب في تركيا أن يكون خياراً جيداً للأفراد الذين يبحثون عن تنويع محفظة استثماراتهم وتعزيز استقرارهم المالي.
طرق الاستثمار في الذهب في تركيا:
إن شراء الذهب بأسعار منخفضة وبيعه بأسعار مرتفعة واحدة من الطرق الشائعة للاستثمار في الذهب في تركيا، وتتطلب هذه الطريقة القدرة على تحليل سوق الذهب والتنبؤ باتجاهات الأسعار لتحقيق أقصى قدر من الربح، لذا من المهم أن يتمتع المستثمر بالصبر والتحليل الدقيق والإطلاع الدائم لنجاح هذه الاستراتيجية.
ويستطيع المستثمر في تركيا أن يستثمر في الذهب من خلال شراء مجوهرات ذهبية، أو الاستثمار في الأوراق المالية المرتبطة بسعر الذهب، ويمكننا أن نعتبر صيغة المجوهرات وسيلة شائعة للاستثمار في الذهب إذ يتمكن المستثمر من الاستفادة من ارتفاع قيمة المجوهرات مع الوقت، أما عن الاستثمار في الأوراق المالية فقد يكون خيارا أقل خطورة وأكثر سهولة في البيع والشراء إذا ما قورن بالاستثمار المباشر في الذهب.
التوقعات لسوق الذهب في تركيا:
هناك عدة عوامل تحدد أسعار الذهب، من بينها: العرض والطلب على هذا المعدن النفيس، وتأثير الأحداث الاقتصادية والسياسية العالمية على الأسواق، بالإضافة إلى أن قوة الدولار وتقلبات أسعار العملات الأجنبية دوراً حيوياً في تقنيات أسعار الذهب.
تختلف توقعات الخبراء بشأن مستقبل سعر الذهب إذ يعتبر البعض أنه سيشهد ارتفاعا نظرا لتباطؤ الاقتصاد العالمي والتوترات السياسية في حين يرى آخرون أن هبوطاً في الأسعار قد يكون وارداً نتيجة لاستقرار الأوضاع الاقتصادية.
مخاطر الاستثمار في الذهب وكيفية تجنبها:
تتأثر أسعار الذهب بتقلبات الأسواق العالمية والتحركات الاقتصادية والسياسية مما يجعل الاستثمار في الذهب يحمل مخاطر محددة، قد يتسبب ارتفاع أسعار الذهب في خسارة الاستثمار للمستثمرين الذين لم يكونوا مستعدين لتحمل تلك المخاطر على الرغم من الفرص العالية للعائد، ولتجنب مخاطر الاستثمار في الذهب يجب على المستثمرين وضع استراتيجيات توازن بين المخاطر والعوائد، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق توزيع محفظة الاستثمار على عدة فئات من الأصول المالية مثل الأسهم والسندات والسلع الأخرى بجانب الذهب، كما يجب على المستثمرين تحديد نسبة من رأس المال يمكنهم تحمل خسارتها دون المساس بوضعهم المالي.
يعتبر الذهب من الأصول الاستثمارية الشهيرة التي تتمتع بشعبية كبيرة لدى المستثمرين ولكن يجب أخذ المقارنة بين عوائد الاستثمار في الذهب والأصول الأخرى مثل الأسهم والعقارات، فعلى الرغم من أن الذهب يعتبر ملاذا آمنا خلال فترات الاضطرابات الاقتصادية إلا أن عوائد الاستثمار في الأسهم قد تكون أعلى على المدى الطويل نظراً للتقلبات العالية في أسعار الذهب.
ما هو أفضل وقت لشراء سبائك الذهب في تركيا:
يعتمد اختيار الوقت الأنسب لشراء سبائك الذهب للاستثمار على عدة عوامل منها:
- حين يكون سعر الذهب منخفضاً، إذ تعتبر فترات انخفاض أسعار الذهب فرصة جيدة لشراء سبائك الذهب بأسعار مخفضة.
- كجزء من تنويع المحفظة الاستثمارية ويعتبر الذهب واحداً من الأصول الآمنة والمستقرة، لذلك يمكن شراء سبائك الذهب كجزء من استراتيجية تنويع المحفظة الاستثمارية.
- خلال فترات عدم الاستقرار الاقتصادي أو السياسي إذ يكون شراء سبائك الذهب جزءاً من استراتيجية التنويع الاستثماري لحماية الثروة.
- عند وقوع أحداث عالمية مثل: (التوترات الجيوسياسية) أو (الأزمات الاقتصادية)، إذ يكون هناك فرصة للشراء بأسعار مخفضة أو عندما تكون الأسعار مستقرة، ويعتبر الذهب خياراً آمناً، خصوصاً خلال الفترات التي تشهد فيها الأسواق الاقتصادية اضطراباً أو تقلبات مالية.
- يمكن شراؤها كوسيلة لحماية القيمة الشرائية، خلال فترات التضخم أو انخفاض قيمة العملة.
- هناك أوقات محددة خلال العام تتميز بتوفر سيولة مالية أعلى مثل: الحصول على الرواتب، أو المكافآت، أو استردادات ضريبية، ويمكن أن تكون هذه الفترات فرصة جيدة لشراء سبائك الذهب للاستثمار، وبشكل عام يمكن شراء سبائك الذهب في أي وقت يتوافر فيه الفرصة، وتكون الظروف مناسبة وملائمة لاحتياجات وأهداف المستثمر.
تهدف تركيا إلى رفع إنتاجها من الذهب، حتى يصل إلى أكثر من 100 طن من الذهب لكل عام، خلال الأعوام الخمسة القادمة، لذلكوهكذا ف‘ننا يمكننا القول: إنّ صناعة الذهب في تركيا تجمع التطور والحداثة معا، بالإضافة إلى أن الذهب يشكل مصدرا كبيرا من مصادر الاستثمار في تركيا.