لازال الاتراك يحافظون على عادات توارثوها من اجدادهم العثمانيين, من هذه العادات تزيين مأذن المساجد في شهر رمضان الكريم بأضواء الزينة, كنوع من أنواع الترحيب بالشهر الكريم، حيث يتم تعليق هذ الاضواء بين مأذنتين متقابلتين في المسجد, تسمى هذه العادة “بالمحيا” هذه الكلمة مأخوذة من كلمة “حياة” والتي تعني حسب القاموس التركي, شهر الحياة, حيث يتم تزيين المأذن بشهر رمضان لتصوير هذا الشهر كشهر الحياة المبارك.
ويعتبر الهدف الرئيسي من تزين المآذن هو توجيه الناس نحو الاحسان والثواب وايصال رسائل لهم تدعو للخير, كما تذكرهم بضرورة شكر الله على نعمه واحسانه, يطلق على الشخص الذي يكتب هذه العبارت ويجهز الزينة المضيئة ويعلقها على المآذن اسم “المحياجي”.
وفي كل عام ومع حلول شهر رمضان الكريم, تتزين اغلبية الجوامع التركية بالمحيا, لتشعرك بروحانية وبركة هذا الشهر الفضيل.
تاريخ المحيا
كانت “المحايا” في الماضي حينما بدأت اختراعها, تزين بمصابيح الكاز وتعلق على الحبال, وكان “المحياجي” يرسم التصميم الذي يريد اظهاره بين المآذنتين على الورق اولا, حيث كان يحدد اماكن توزع المصابيح لتشكل العبارة التي يرغب بكتابتها, وبعد ذلك يبدأ بتطبيقها على الحبال الممدودة بين المآذن.
وفي الماضي كان يتوجب على “المحياجي” ان يعمل طوال اليوم من اجل انتاج المحيا الخاصة به, وكان المحياجيون القدامى يعرضون مساء كل يوم المحيا التي عملو بها طوال النهار.
وكانت المحايا في ذلك الوقت متينة ومقاومة للرياح, وكان المادة المستخدمة لاضاءة المصابيح المعلقة على المحيا هي زيت الزيتون والشمع, ولإن متوسط فترة اضاءة تلك المحايا القديمة لم تكن تتجاوز الثلاث ساعات فقد كان من الصعب رؤية جميع مآذن المساجد وقد اضيئت في الوقت نفسه, ويعتقد بأن تاريخ تصميم المحيا يعود النصف الثاني من القرن السادس عشر.
ومنذ العهد العثماني والى يومنا الحالي, لا تزال المحايا التي تعلق فوق جوامع السلاطين خلال النصف الاول من شهر رمضان تحوي على ادعية واحاديث شريفة واحيانا قد تضم اقوالا مأثورة, وبعد مضي 15 يوما اي مع بدء النصف الثاني لشهر رمضان تعلق على المآذن تصاميم تزيينية متحركة ومختلفة عن بعضها البعض.
محايا متنوعة
كان عمل المحيا قديما يعتبر عملا شاقا جدا ويحتاج الى كم كبير من الوقت والعمل, وكان موضع اهتمام كبير لدى المواطنين العثمانيين خاصة الاطفال منهم, وكان “المحياجيون” يزيدون من فضول وتشوق الناس عن طريق اخفائهم لما سيتم عرضه مساءا من محايا مختلفة, وكان العامة يحاولون طوال النهار تخمين ما سيتم عرضه في المساء.
ومن الامثلة على الادعية والاحاديث والاقوال المأثورة التي كانت تستعمل في المحيا خلال النصف الاول من شهر رمضان, “ياغني، يامعبود، ياكافي”، “ياشهر رمضان ياكريم”، “بسم الله” ، “الحمدلله”، “شهر الغفران”، “الوداع ياشهر رمضان“.
وعن بداية انتشار هذه الظاهرة في المدن التركية فقد كانت بدايته في اسطنبول, وتؤكد بعض المصادر التاريخية بأن هذه الظاهرة قد كانت موجودة في مدينة “ادرنة” ايضا, حيث كانت تزين فيها المساجد التي يوجد فيها مإذنتان متقابلتان.
ويبقى شكل المحيا ورونقها الرمضاني الخاص ذكرى جميلة للشهر الفضيل, حيث ما ان يذكر شهر رمضان الكريم الا وتتبادر المحيا الى العقول بجمالها الفتان, ومن سبق له زيارة تركيا خلال شهر رمضان فلابد ان ذكرى تلك الصور المضيئة والمعلقة بين المآذن لاتزال موجودة لديه.
اعداد: المهندس رشاد شموط
اذا أعجبتك المعلومات هنا لا تنسى مشاركتها مع أصدقائك من خلال روابط الوسائط الاجتماعية في الأسفل