فن العمران في تركيا
ان احد أسباب السفر الى تركيا لا يتعلق فقط بالاستمتاع وقضاء وقت مذهل، وانما يمكن ان يكون السفر لغاية تعليمية، حيث تحتوي تركيا على أنواع متعددة من أنماط العمارات التي تنتشر في جميع أرجاء البلاد، وهذا التنوع محير، حيث يجمع بين البيوت البيضاء المطلة على ساحل بحر ايجة، الى المنازل الخشبية المنتصبة الموجودة في الشمال الشرقي.
ولا ننسى الكنائس القديمة المنحوتة في الجبال في كابادوكيا، والمدن ذات الطابع اليوناني والروماني مثل افسس، ومكتبة سيليسوس التاريخية، والمنازل التراسية ذات الطابع الروماني.
هذا التنوع ليس غريبا لأن العديد من الحضارات حكمت هذه الأراضي على مر التاريخ، وتركوا جميعا آثارا لهم ولبنيانهم، ومع ذلك فإن أكثر العمارات شهرة في تركيا هي العمارة العثمانية، والعمارة السلجوقية.
العمارة العثمانية في تركيا
استطاع العثمانيين التفوق في العديد من الأشياء، بما فيها العمارة، حيث استطاعوا تشييد مدن تاريخية تذهل عين الناظر، بما فيها العمارة الإسلامية، إضافة الى تأثرها بالعمارة البيزنطية، لكن العمارة العثمانية استطاعت اظهار طابعها العمراني المميز، حيث انك بمجرد النظر الى المبنى تعرف انه يجمل الطابع العثماني.
وتتنوع العمارة العثمانية لتشمل القصور، نوافير المياه، الجسور، أما أكثر ما تميزت به العمارة العثمانية هي مساجدها الرائعة التي تتسم بتصاميم معقدة التي تناسب أماكن العبادة كثيرا.
ان العمارة العثمانية بدأت في القرن الرابع عشر، حين كانت السلطنة العثمانية تسيطر على بورصة وأدرنة.
ومن بين جميع المهندسين المعماريين في ذاك الوقت، استطاع المهندس المعماري ميمار سنان تحقق الشهرة والمجد، وذلك لتصاميمه الهندسية الفريدة، التي ظهرت في القرن السادس عشر، وقد حضر المهندس ميمار سنان عهود ثلاث سلاطين عثمانيين، ونال اعجابهم، وكان مفضلا عند الثلاثة.
استطاع بناء وتصميم أكثر من 300 مبنى، وأهم عماراته هو مسجد سليمان القانوني المتوضع في إسطنبول، والتابع للتراث العالمي لليونيسكو.
لقد استطاع من خلال تصاميمه ان يؤثر في عصره وفي الأجيال القادمة التي لا زالت الى حد اللحظة تنتهل تعاليمها من تصاميمه الرائعة.
ان الفرق بين سنان والمعماريين في عصره، هو ان سنان يدرس المبنى من حيث اتجاهاته، فبدلا من اعتماد نموذج تقليدي، كان يدخل المبنى في حيز جديد مع الحفاظ على قدرة تطبيقه في أرض الواقع، واعتماد توفير المبنى لأسس السلامة.
لم يستطع أحد تجاوز تفوق المهندس ميمار سنان، على الرغم من محاولة الجميع، الا ان ميمار سنان استطاع انشاء ارثا عثمانيا لم يكن حتى السلاطين العثمانيين يحلمون به.
ان أفضل الأماكن التي يمكنها ان تعكس فن العمارة العثمانية في تركيا هو حي إسطنبول القديم، الذي يتضمن مسجد السلطان احمد “المسجد الأزرق” وقصر توبوكابي الذي يعد اول منزل للسلطان احمد بعد ان غزا القسطنطينية.
في منطقة بيشكتاش يمكنك رؤية قصر دولماباهس، والذي يعتبر آخر منزل للسلالة العثمانية، ثم دخلت الهندسة الغربية لتضفي ملامحها، مما أحدث فرقا في العمران بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر.
لنبتعد قليلا عن العمارة الخاصة بالسلطنة العثمانية، سنجد الفن في قرى صغيرة مثل بيابازري، وسافرانبولو التابع للتراث العالمي لليونيسكو، حيث يمكنك من خلالها رؤية ملامح العمارة العثمانية للطبقات الدنيا من المجتمع، كما اضافت اليونيسكو منازل بورصة وكوماليكيزك الى قائمة مواقع التراث الخاص بها، هذه العمارات تعرض الحياة العثمانية الريفية بشكل مثالي ابتداء من القرن الرابع عشر فصاعدا.
العمارة السلجوقية في تركيا
قبل ان يتسلم العثمانيين السلطة، كانت الإمبراطورية السلجوقية في قمة عظمتها، وقد حكمت العديد من بلدان الشرق الأوسط، إضافة الى تركيا الحالية، كانوا يتميزون ببناء المباني الضخمة والمفصلة والتي لا يزال العديد منها يقف الى هذه اللحظة.
تأثرت العمارة السلجوقية بالعمارة الفارسية والبيزنطية والأرمنية، الا انهم استطاعوا ابراز أسلوبهم في العمار، وقد تركت العمارة السلجوقية بصماتها في مدينة قونية، وكان أي مسافر يستطيع التعرف على أعمالهم اليدوية من خلال الاطلاع على المباني المتواجدة على طول الطريق.
كانت هذه المباني تشكل أماكن استراحة للبائعين الجوالين، الذين كانوا يقطعون مسافات بعيدة ليبيعوا بضاعتهم.
اتسمت العمارة السلجوقية بالأبواب الشاهقة، والديكور المتقن، الذي يمنح المقيمين راحة نفسية، وأمان عالي، وتوجد في هذه المباني غرف للطعام، النوم، الصلاة، وغرف خاصة بأحواض الغسيل، إضافة الى وجود قسم خاص بالحيوانات، يعتبر الفندق أكبر حجمان ويشغله الأطباء والحدادين والنجارين والخياطين والاسكافيين.
ان الفنادق في ذاك الوقت حظيت باهتمام كبير، وانتشر منهم 40 فندق على طول الطريق من دنيزلي الى دوجوبايزلت، وقد شملتها اليونيسكو بقائمة التراث العالمي، حيث توفر للناس أماكن لتناول الطعام والنوم والغسل والصلاة.
ان كنت في كابادوكيا، اذهب الى مشارف وسط مدينة جيرمي ستشاهد فندق سورهان، الذي يتميز بمدخل مذهل، وتصاميم رائعة ومفصلة، للمبنى لونان من الحجر حيث اعيد ترميمه وبناء جزء منه، هذا الفندق يعرض ملامح العمارة السلجوقية.
يمكن زيارة تركيا في أي وقت تشاء والانتهال من علم بنيانها وعمارتها.
يمكنك التواصل معنا لمعرفة المزيد من التفاصيل والمعلومات من خلال موقع دليل العرب في تركيا
اعداد فريق دليل العرب في تركيا
اذا أعجبتك المعلومات هنا لا تنسى مشاركتها مع أصدقاءك